عزيزي حسام،
يزيدني ليل أستراليا قربا منك، فنحن مشتركان في الظلام على الأقل الآن..
كيف ينتهي يومك؟ أبالنوم مثلي أم بالصحو المغمس بالنعاس؟ بل كيف يبدأ؟ أبزقزقة عصفور متسلل سخر من أسلاكهم الشائكة أم بارتداد صدى خطى السجان؟ وهل ما زلت تسميه "يوما" وأنت لا تصحو فيه على ابتسامة "أمانيـ"ـك، ولا تحتسي قهوتك من يد شريكة دربك، ولا تزرع فيه قبلة على يد أمك؟
أمّ لها ابن أسير هي كمنجة أضاعت عازفها، وهي انصهار الأمل بالألم والضجة بالسكون والتفتح بالذبول.. وهي سيدة الأفراح المؤجلة، وهي كما النجوم تنطفئ دون أن ندري: فما نراه من نورها هو ما كان كامنا فيها قبل أسره.
قلتَ لي قبل عام في الجزائر إن عودتك للسجن مسألة وقت.. ولا أدري لماذا اخترتُ ألا أصدق هذا المصير.. طبعا ليس انتقاصا من عزيمتك في مواصلة المشوار وأنت القائدُ بالفعل قبل القول، والمناضلُ بالدم قبل العرق، بل ربما لأنني لمست انغماسك في كل لحظة حرية وإقبالك على الحياة وابتسامتك الدائمة وأناقتك وفرحتك في الكلام عن أبنائك وأشياء صغيرة وكثيرة أخرى..
عزيزي حسام،
أعترف لك اليوم أنني أخطأت تقدير معنى أن تكون مناضلا.. يا لسذاجتي! ألم تكفِ المرات الأربع والعشرين السابقة التي اعتقلتَ فيها لأفهم؟
أعترف لك اليوم أنني أخطأت تقدير معنى أن تكون مناضلا.. يا لسذاجتي! ألم تكفِ المرات الأربع والعشرين السابقة التي اعتقلتَ فيها لأفهم؟
وأقول لك ولرفاقك في "المدرسة اليوسفية" الذين لم ينحنوا إلا ليركعوا لله أو يقطفوا وردة أو يزرعوا قنبلة: إننا نحن الأسرى وأنتم الأحرار، فأنتم من تصنعون ما تبقى لنا من حرية بسجنكم وما تيسر لنا من أحلام بصبركم.. فلكم منا صمودُ أشجار الزيتون وتفتحُ شقائق النعمان، وبكم ولكم نرفع العلم: أخضره وأسوده وأبيضه وأحمره.
يوسف الريماوي
ملبورن - 10 ديسمبر 2011
يوسف الريماوي
ملبورن - 10 ديسمبر 2011
لقد ادمعت عيناي بهذه الرسالة المكتوبة برقة وصدق يوسف-
ReplyDelete"إننا نحن الأسرى وأنتم الأحرار "
ارجوك استمر بالكتابة
تحياتي
عزيزتي نونا
Deleteرد متأخر لانقطاعي عن المدونة لفترة طويلة- فاعذريني
جرح الأسرى يبقى غائرا في قلوبنا ومهما قلنا فيهم لا نكفيهم حقهم
كل الشكر والتقدير لك
يوسف