Saturday, December 10, 2011

رسالة إلى القائد الفلسطيني والأسد الفتحاوي، حسام خضر

عزيزي حسام،  
يزيدني ليل أستراليا قربا منك، فنحن مشتركان في الظلام على الأقل الآن.. 
كيف ينتهي يومك؟ أبالنوم مثلي أم بالصحو المغمس بالنعاس؟ بل كيف يبدأ؟ أبزقزقة عصفور متسلل سخر من أسلاكهم الشائكة أم بارتداد صدى خطى السجان؟ وهل ما زلت تسميه "يوما" وأنت لا تصحو فيه على ابتسامة "أمانيـ"ـك، ولا تحتسي قهوتك من يد شريكة دربك، ولا تزرع فيه قبلة على يد أمك؟
 
 
أمّ لها ابن أسير هي كمنجة أضاعت عازفها، وهي انصهار الأمل بالألم والضجة بالسكون والتفتح بالذبول.. وهي سيدة الأفراح المؤجلة، وهي كما النجوم تنطفئ دون أن ندري: فما نراه من نورها هو ما كان كامنا فيها قبل أسره.


قلتَ لي قبل عام في الجزائر إن عودتك للسجن مسألة وقت.. ولا أدري لماذا اخترتُ ألا أصدق هذا المصير.. طبعا ليس انتقاصا من عزيمتك في مواصلة المشوار وأنت القائدُ بالفعل قبل القول، والمناضلُ بالدم قبل العرق، بل ربما لأنني لمست انغماسك في كل لحظة حرية وإقبالك على الحياة وابتسامتك الدائمة وأناقتك وفرحتك في الكلام عن أبنائك وأشياء صغيرة وكثيرة أخرى..
عزيزي حسام،
أعترف لك اليوم أنني أخطأت تقدير معنى أن تكون مناضلا.. يا لسذاجتي! ألم تكفِ المرات الأربع والعشرين السابقة التي اعتقلتَ فيها لأفهم؟ 
وأقول لك ولرفاقك في "المدرسة اليوسفية" الذين لم ينحنوا إلا ليركعوا لله أو يقطفوا وردة أو يزرعوا قنبلة: إننا نحن الأسرى وأنتم الأحرار، فأنتم من تصنعون ما تبقى لنا من حرية بسجنكم وما تيسر لنا من أحلام بصبركم.. فلكم منا صمودُ أشجار الزيتون وتفتحُ شقائق النعمان، وبكم ولكم نرفع العلم: أخضره وأسوده وأبيضه وأحمره.

يوسف الريماوي
ملبورن - 10 ديسمبر 2011









Sunday, November 6, 2011

لماذا أكتب؟

اليوم، وبعد أن فشلت في إتمام ما بدأت من عشرات القصص والخواطر والمقالات، والتي كان بعضها على بُعد بضع كلمات من النهاية، قررت الكتابة. ربما ستكون البداية من حيث لم أنته بعد، وربما لا، ولكن لا يهم: فما يتملكني من شعور بالفرحة الآن بقدرتي على السير في هذا الطريق يكفيني، على الأقل الآن

لشبه المكتمل معي حكاية، فهو يشبهني في كل شيء. إنّ بيني وبين الهندسة الكيمائية وإدارة الأعمال والعربية (لغة وثقافة) والإعلام والسياسة والموسيقى، بيني وبينها أنصاف أو ثلاثة أرباع الحكاية، ولكل منها شيء مني ولكن ليس كلي، فهي كالجداول الصغيرة- أو الكبيرة- التي تصب في بحر.. وليكن كل هذا البحر أنا، ولتكن أيامي موجاته. ولكن قبل ذلك كله، أنا فلسطيني الدم والهم والانتماء (والفلسطيني بحد ذاته حالة فسيفسائية من الهوية والتاريخ والجغرافيا والثقافات،) إسلامي الروح، عربي الثقافة، كردي الهوى، أسترالي المتنفس، أممي النظرة وأولا وأخيرا: إنساني التفكير، أو هكذا أريد.. فأية حكاية تلك التي سأكملها للنهاية، وعلى حساب أية حكاية أخرى؟


سألني أحدهم: لماذا يكتبون؟ وأقول إن الفكرة التي لا تتحول إلى كلمة أو نغم أو لوحة تموت اختناقا في أذهاننا، ومن كتبوا ورسموا ولحنوا فعلوا ذلك سعيا وراء الجمال أيا كان شكله أو مصدره. فسيرا على هذا الدرب ولأني سئمت أنصاف القصص، سأكتب


يوسف - ملبورن
6 - ربما 7- نوفمبر، 2011